الخميس، 15 مايو 2008

من بين ثنايا الفوائد


بسم الله الرحمن الرحيم

وتبدأ الشمس في المغيب ..واحتوانا صمت مهيب .. أجلس على شاطئ النيل وإلى جواري تلك الفتاة التي أحبها قلبي . وقد كنت حزينا ذلك اليوم يشاركني النهار حزني فكلانا علي افتراق .. يفارق النهار شمسه باحمرار سحبه وأحاطتها بهالة سوداء .. وأنا على وشك الفراق .. عينا حبيبتي تدمع تشاركها السماء بكاءها بأمطار خفيفة .. ولكن مهلا دعونا نعود إلى الخلف قليلا لنعرف سبب كل هذا .
كنت جالسا في بيتي أقرأ في إحدى الروايات المفضلة إلي بينما ارتفع رنين الهاتف فأسرعت بالإجابة ....
كانت هي تطلب لقاءي على وجه السرعة وحمل صوتها علامات بكاء طويل حاولت معرفة سببه إلا أنها أصرت على لقاءنا أولا وحينها سأعرف السبب . وبكل قلق الدنيا ارتديت ملابسي وهرعت إلي مكان لقاءنا إلى تلك الصخرة على شاطئ النيل التي تجمعنا كل لقاء . وصلت إليها وكان الشوق واللهفة يحتلان كل ملامح وجهها الذي حمل كثيرا من المشاعر التي ألفتها كلما التقينا إلا أنه حمل بالإضافة لذلك ملامح حزن عميق وعيناها ترقرقت بالدموع مما جعل قلبي يسقط بين أقدامي جلست إلي جوارها وسألتها عما حدث بعد أن أنساني القلق حتى مجرد السلام عليها . وبعد تردد كانت الصاعقة أو هكذا كان وقع كلامها علي .
" لقد تمت خطبتي " نطقتها وهي تعلم مدي أثر كلماتها علي لذا فقد احتل ملامح وجها تعبير واحد هو الإشفاق .
تماسكت وسألتها
- كيف حدث هذا ومتى ؟!!
أجابتني بصوت أطل منه الحزن
- لقد تقدم ابن عمي خطبتي بالأمس ووافق والدي ولم أعلم بذلك إلا اليوم .
سألتها في حده
- وماذا فعلت ؟
نظرت إلي مندهشة من تلك لطريقة التي لم أكلمها بها من قبل فتأثرت أمام نظراتها . أمسكت بيدها في رفق وكررت سؤالي بعد أن خففت من حدتي .
أطرقت رأسها وقد أدركت أن حدتي تلك لم تكن إلا نابعة من حبي لها وأجابت
- لقد رفضت بشدة ولكن أبي لم يعبأ برفضي أو يوليني أي اهتمام
ويعمنا الحزن والصمت يحتوينا ويختفي قرص الشمس في المغيب والسماء يشتد بكاؤها وهي تبكي إلي جواري نظرت إليها بعين وقفت خلفها دمعة متحفزة تحاول السقوط وأنا أجاهد في منعها ووجدتها ترتجف من البرد فمددت يدي امسح دمعة سالت علي وجنتها وطلبت منها العودة إلي منزلها علي أن نلتقي في اليوم التالي بعد أن أكون فكرت فيما سنفعل . لا أدري لماذا راودني شعور بأن لقاءنا لن يتم ربما هو قلب العاشق . ودعتها وانصرفت عائدا إلي منزلي . انتابني شعور لم أدري كنهه لكنه جعلني حزينا كل الحزن قلبي يتمزق من قرب الفراق وفجأة ....

وفجأة ..... لم أشعر بشئ سقط مغشيا علي .
فتحت عيني لأري شبح شخص يجلس إلى جواري لم أكن قد استعدت صفاء ذهني بعد , سمعت صوت أنثوي يتمتم بكلمات لم أفهمها , بدأت أستعيد صفاء ذهني شيئا فشيئا . كنت نائما تجلس إلى جواري ممرضة وسمعتها تتنفس الصعداء قائلة
- أخيرا استعدت وعيك .
سألتها بصوت بدا التعب واضحا منه
- منذ متي وأنا هنا ؟ وماذا حدث ؟
قالت بصوت يكسوه الارتياح
- لقد أتي بك شخص هنا منذ أربعة أيام وأنت فاقد الوعي بعد حادث سيارة ولكن حمدا لله فلم تكن هناك أثار للحادث إلا من ردود بسيطة وقال الطبيب إنه يعتقد أن غيبوبتك يبدو أنها ليست بسبب الحادث فقط وإنما لشئ أخر لم يدري ما هو .
ثم غمزت بعينيها وقالت
- ولكني عرفت ما هو
نظرت إليها متسائلا فأجابت والابتسامة تملأ وجهها
- لقد عرفت السبب بعدما كنت تهذي قائلا ............
ما إن نطقت اسمها حتى استعاد عقلي الأحداث كلها لقد تأخرت كثيرا تأخرت أربعة أيام يا له من تأخير قمت مسرعا وهممت بالنزول فأمسكت بي الممرضة قائلة
- أين تظن نفسك ذاهبا حالتك لم تتحسن بعد
أرحت يدها وأنا ألتقط معطفي وقلت
- لابد أن أذهب الآن
قالت في جزع
- ولكن الطبيب أشار إلي أنك تحتاج للفحص
قلت لها وأنا أمشي بالفعل
- سأعود لاحقا
ذهبت مسرعا إلى مكان لقاءنا وأنا أعلم تماما أني لأن أجدها فهي لن تنتظرني أربعة أيام ولكني ذهبت إلى هناك ووجدت المكان خاليا إلا من قفازها الذي عرفته سريعا وأدركت أنها تصورت أني تخليت عنها .
جلست أفكر .. لقد أصدر القدر حكما بتعجيل الفراق بعد أن أبى أن يتم اللقاء ولكن ... لا لن أقف مكتوف الأيدي سأقاتل من أجل حبي وذهبت إلي كليتها وانتظرتها طويلا ولكنها لم تأتي , قررت أن أسأل صديقتها عنها وبعد تردد فعلت فأجابت
- لقد خرجت منذ أربعة أيام ثم عادت منهارة وظلت تخرج في نفس الموعد ثلاثة أيام ثم عادت في اليوم الثالث لتعتزل الجميع لا تأكل ولا تخرج من حجرتها ولم تأت الكلية
أدركت أنني السبب جلست أفكر ماذا أفعل واهتديت لأن أكتب لها خطاب أشرح لها ما حدث وأطلب لقاءها وبالفعل كتبت وأعطيته لصديقتها ومعه قفازها وطلبت منها توصيله لها . وانتظرتها عند الصخرة وانتظرت طويلا فقد تأخرت كثيرا حتى أني فقدت الأمل في مجيئها كدت أمشي ولكن لمحتها من بعيد استقبلتها بعين مترقرقة بالدموع ومددت لها يدي ولكنها تجاهلتني وجلست كان وجهها شاحبا عيناها يبدو عيها أثار البكاء الطويل , وقفت أمامها نظرت إلى عينيها ورفعت وجهها لتنظر إلي والتقت عينانا , كانت عيناها تحمل رسالة عتاب وعيني تحمل لها الاعتذار حديث دار بين عينانا دون أن تنطق به أفواهنا
- لماذا لم تأتي
- أنا أسف لم يكن بيدي
انفجرت في البكاء هرعت إلي ارتمت بين ذراعي احتضنتها بقوة التقت عينانا مرة أخرى غرقت في جمال عينيها رغم أثار البكاء التي أخفت منه الكثير . أخذنا نمشي علي شاطئ النيل وقلت مهونا
- كل شئ له حل .. أين ابتسامتك التي لم تكن تفارق وجهك
نظرت إلي ودون أن أتكلم طلبت منها أن أري تلك الابتسامة أطرقت برأسها وابتسمت ولكنها ابتسامه حملت كل معاني الحزن والألم ومشينا طويلا نفكر ولكنا لم نهتدي لحل وتأخر الوقت , أوصلتها منزلها ثم عدت إلى منزلي جالست أفكر طويلا حتى غلبني النعاس ولكني استيقظت على صوت طرقات هادئة على الباب قمت مسرعا وأنا أتساؤل تري من يأتي في هذا الوقت ولكني تساؤلي لم يطول فقد فتحت الباب لأجدها هي أمامي تبكي وتحمل في يدها حقيبة نظرت إلي بعين دامعة وسألتها مندهشا ..
- ماذا حدث ؟؟
نظرت إلي فاستدركت خطأي أنها مازالت تقف أمام الباب أدخلتها وجلسنا فأعدت عليها سؤالي قالت وقد غلبتها دموعها
- لقد تحدد موعد عقد قراني غدا لذا فقد هربت وأنت تعلم أنه ليس لي سواك
احترت في أمري كنت ضد فكرة الهرب ولكني أيضا لا أستطيع التخلي عنها ولكن الأهم أنه ليس من الحكمة أن نكون نحن الاثنان في منزل واحد كلانا يعشق الآخر كلانا يذوب شوقا ولهفة إلى الآخر لذا قررت أن أنزل لأقضي ليلتي في أي مكان وبالفعل حدث بعد أن عارضت بشدة ولكني استطعت إقناعها . قضيت ليلتي هائما أمشي في الشوارع كطفل ضل منزله وعدت في الصباح الباكر لأجد المنزل خاليا ليس لها أي أثر ولكني وجدت خطابا تركته هي تقول فيه :

............
لقد فكرت كثيرا وقررت الرحيل خوفا من أن أسبب لك أي مشاكل ولكن ثق يا حبيبي أنني لن أحب سواك ولن أكون لسواك وسأبقي علي عهدي معك ما حييت .
المخلصة
..............
جلست حزينا وأنا أفكر أين ستذهب فهي لن تعود إلى منزلها وليس لها أي أقارب فأين ستذهب . وهرعت إلى الصخرة لعلي أجدها هناك وبالفعل وجدتها رأيتها ورأتني مشيت نحوها ومشيت نحوي تسارعت خطواتنا فتحت لها ذراعي ارتمت بين أحضاني وتلتقي عينانا ومرة أخري يتحدثان ولكن هذه المرة أنا ألومها علي الرحيل وهي تعتذر حملت حقيبتها في طريق عودتنا ولكن القدر لم يمهلنا كثيرا فصدمتنا سيارة ولكن مهلا .............

أنا لا أشعر بأي ألام .... فتحت عيني لأجد نفسي في حجرة نومي ....

" كان حلما "

ليست هناك تعليقات: